--------------------------------------------------------------------------------
شجرة الحياة تكشف سر بقائها بدون ماء لأكثر من 400 عام
شجرة الحياة تكشف سر بقائها بدون ماء لأكثر من 400 عام
فريق علمي يؤكد أن فطر المايكورايزا هو ما حافظ على وجودها
شجرة الحياة كُشف عن سرها.. لكنها بالتأكيد أعجوبة ببقائها وحيدة في صحراء جرداء («الشرق الأوسط»)
المنامة: «الشرق الأوسط»
الغرائب لا تتوقف.. وبعض الأعجوبات لها قصص وروايات لا يعرف أولها من آخرها، أما شجرة الحياة، فهي بالفعل اسم على مسمى، تقف وحيدة في وسط صحراء البحرين منتصبة شامخة، من مئات السنين دون أن يعرف أحد سر بقائها بدون سقي، حتى بدا أن سرها هذا دفن في الصحراء معها.
فقد اختارت «شجرة الحياة» أن تقف وحيدة بلا أي نبتة أو شجرة تجاورها في صحراء الصخير جنوب البحرين، على بعد خمسة وثلاثين كيلومترا عن العاصمة المنامة، وعلى بعد عشرة كيلومترات من قرية عسكر. أما لماذا اختارت هذه الشجرة أن تبقى بعيدة عن عزلة الحياة، فذلك السر الذي لا يعرفه لا البحرينيين ولا زوارهم، ولا حتى الخبراء الذين زاروها لمعرفة سرها في البقاء منتصبة طوال أربعمائة عام، مما جعلها أحد المعالم السياحية في البحرين.
الدكتور غازي الكركي، أستاذ فسيولوجيا النبات بجامعة الخليج العربي، استطاع أخيرا أن يكشف سر بقاء شجرة الحياة منتصبة منذ أربعة قرون، مؤكدا أنه يعود إلى فطر المايكورايزا.
وتوصل الدكتور الكركي إلى حقيقة العلاقة التي تربط بين شجرة الحياة وفطر المايكورايزا، بعد دراسة علمية قامت بها جامعة الخليج العربي تبين منها أن السبب الحقيقي وراء بقاء الشجرة لمئات السنين، دون ري أو تسميد في ارض جرداء قاسية، أن تكون قد ابتكرت آلية خاصة لتغذية نفسها ذاتيا بمساعدة فطر المايكورايزا.
وأشرف الدكتور الكركي على فريقٍ من الجامعة درس الشجرة عن كثب، ودرس المنطقة المحيطة بها إلى أن توصل إلى أن جذور الشجرة ممتدة باتجاهات مختلفة (أفقية وعمودية) في عمق التربة، مما يؤكد الاعتقاد بأن الشجرة، الواقعة على مرتفع صغير، أوجدت لنفسها آلية للحصول على الماء والغذاء من طبقات التربة العميقة جدا (طبقة الماء الأرضي) حيث يوجد الماء سواء ذلك الذي تسرب من مياه الأمطار الموسمية أو أجسام مائية أخرى، ساعدتها على النمو والبقاء، مشيراً إلى أن الآليات الطبيعية التي عمدت لها شجرة الحياة تشمل تطوير نظام جذري طويل وعميق للمساعدة في امتصاص الماء من أعماق التربة. كما أشار إلى ان الشجرة طورت آليات تحمُل الجفاف وقلة خصوبة التربة من العناصر الغذائية من خلال بناء علاقة تعايشية مفيدة مع بعض الكائنات الحية النافعة التي تعيش في التربة لمساعدتها على امتصاص الماء وإتاحة العناصر الغذائية لها.
إلى ذلك، أخذ الفريق عينات من التربة المحيطة بالشجرة وجذور بعض النباتات القريبة منها لدراستها تحت المجهر في مختبرات جامعة الخليج العربي بالإضافة إلى إجراء بعض التحاليل في مختبرات جامعة هوهنهايم الألمانية بالتعاون مع بعض العلماء الألمان لتأكيد فرضية علاقة صمود شجرة الحياة بالفطر لمئات السنين في صحراء قاحلة، رغم انها شجرة من أنواع الأشجار التي تعمر طويلا. وبالرغم من أن الدراسات التي أجراها المختصون والجولوجيون، تؤكد أن بقاءها هذا العمر الطويل دون ماء امر غريب جد، إلا ان التفسيرات العليمة تمكنت من التغلب على مصاعب الوحدة والعطش بحزام رملي يلتف على خاصرتها لتتمكن عروقها الممتدة تحت الرمال لكيلومترات عديدة من التسلل الى الاراضي البعيدة وتحديداً أراضي القرى الصغيرة لجلب الماء من هناك. لكن هذا التفسير لم يذكر لماذا ظلت هذه الشجرة على قيد الحياة بينما فنيت كل الأشجار التي كانت بقربها.
وعبر السنوات السابقة كان البحرينيون يصرون على زيارتها بين الحين والآخر، قبل أن تصبح شجرة الحياة مزارا سياحيا، حيث تروج وزارة الاعلام، الجهة الرسمية المسؤولة عن قطاع السياحة في البحرين، لهذا الموقع كنقطة جذب للسياح القادمين من أرجاء العالم. وتقدر الأرقام الرسمية أن عدد الذين يتوافدون لرؤيتها، بحوالي 50 ألف زائر في العام، فيما يشير المسؤولون الرسميون الى أن ما وهبته الطبيعة من تميز «شجرة الحياة»، وسرها الدفين أصبح عاملاً يدفع لرفع أعداد الزوار لشجرة الحياة البحرينية.